مقدمة: تعقيد الزمان والله
من أكثر الأسئلة المحيرة والرائعة في الفلسفة واللاهوت هو كيفية علاقة **الله بالزمن**. الوقت، وهو شيء نختبره جميعًا ونعتبره أمرًا مفروغًا منه، يصبح أكثر تعقيدًا بكثير عندما ننظر إليه في سياق طبيعة الله الأبدية. إن مسألة ما إذا كان الله قد خلق الزمن، وما إذا كان موجودًا داخله أم خارجه، قد حيرت المفكرين لعدة قرون. في هذه المقالة، سوف نتعمق في منظورين مختلفين بشأن الوقت – **النظرية الديناميكية (المتوترة)** والنظرية **الثابتة (غير المتوترة)** — ونفحص آثارها على فهم **علاقة الله بالوقت** .
طبيعة الزمن: ديناميكي (متوتر) مقابل ثابت (عديم التوتر)
قبل استكشاف كيفية ارتباط **الله بالوقت**، يجب علينا أولاً أن نفهم النظريتين الرئيسيتين للوقت اللتين تشكلان هذه المناقشة. **لقد ناقش الفلاسفة والعلماء منذ فترة طويلة ما إذا كان الوقت ديناميكيًا أم ثابتًا**، وهذا التمييز يغير بشكل أساسي كيفية رؤيتنا للواقع، وكذلك تفاعل الله معه.
تعتبر **النظرية الديناميكية للوقت**، والمعروفة أيضًا باسم **النظرية المتوترة**، الوقت كشيء يتدفق. وفقًا لهذا المنظور، فإن **الماضي لم يعد موجودًا**، و**الحاضر هو كل ما هو حقيقي**، و**المستقبل مجرد احتمال**. تأتي الأحداث واللحظات إلى الوجود ثم تتلاشى، مما يخلق إحساسًا حقيقيًا بالتدفق الزمني أو **الصيرورة**. في هذه النظرية، هناك فرق موضوعي بين الماضي والحاضر والمستقبل.
ومن ناحية أخرى، فإن **النظرية الساكنة للزمن**، والمعروفة أيضًا باسم **نظرية التوتر**، تأخذ وجهة نظر مختلفة جذريًا. ويجادل بأن **جميع اللحظات في الزمن – الماضي والحاضر والمستقبل – حقيقية بنفس القدر **. ومن هذا المنظور، فإن الزمن لا “يتدفق” حقًا، ومرور الوقت هو مجرد وهم خلقه الوعي البشري. وفقًا للنظرية الساكنة، فإن الوقت عبارة عن **كتلة رباعية الأبعاد** حيث توجد كل لحظة في وقت واحد، وإدراكنا للتغيير هو ببساطة الطريقة التي نختبر بها هذا الواقع الذي لا يتغير.
كيف تؤثر النظرية الديناميكية على رؤيتنا لله والوقت
تتوافق **نظرية الزمن الديناميكية أو المتوترة** بشكل أوثق مع التجربة الإنسانية المشتركة. نشعر بمرور الوقت ونحن ننتقل من الماضي إلى الحاضر وإلى المستقبل. تشير هذه النظرية إلى أن **الله أيضًا يعمل ضمن هذا التدفق الزمني**. ومن هذا المنظور، يشارك الله بشكل فعال في الوقت الذي تتكشف فيه الأحداث. إنه يعرف ما حدث، ويدرك الحاضر تمامًا، ويتوقع المستقبل. ولكن مثلنا تمامًا، **يختبر الله الوقت كشيء يتحرك**.
ومن السهل على أصحاب هذه النظرية أن يتصوروا أن **الله يتفاعل مع خلقه بطريقة زمانية**. فهو يسمع الصلوات عند نطقها، ويستجيب للأحداث عند وقوعها، ويتفاعل مع خلقه في الوقت الحقيقي. وهذا يعني أن **معرفة الله وأفعاله تتغير باستمرار** استجابةً لتكشف التاريخ. بمعنى ما، علاقة الله بالزمن **ديناميكية**، تمامًا كما هي علاقتنا.
هذه النظرة للزمن والله تخلق صورة أكثر شخصية عن الله. ومع ذلك، فإنه يثير أسئلة صعبة: إذا كان الله مقيدًا بالزمن، فهل هو خاضع لقيوده؟ هل يمكن أن يكون الله خالدًا إذا كان يختبر الزمن بنفس الطريقة التي نختبرها نحن؟ تقودنا هذه الأسئلة إلى **النظرية الثابتة للزمن**.
كيف تعيد النظرية الثابتة تعريف خلود الله
تقدم **نظرية الزمن الساكنة أو عديمة التوتر** صورة مختلفة تمامًا عن كيفية ارتباط **الله بالزمن**. إذا كانت **كل اللحظات في الزمن موجودة بشكل متساو** وكان الوقت عبارة عن كتلة ثابتة رباعية الأبعاد، فإن **الله غير مقيد بالزمن** كما نحن. وبدلاً من ذلك، **الله موجود خارج الزمن**، وهو يرى الجدول الزمني الكامل للكون في لحظة واحدة أبدية لا تتغير.
ومن هذا المنظور، **يرى الله الماضي والحاضر والمستقبل في وقت واحد**. بالنسبة لله، فإن الأحداث التي نختبرها تحدث بشكل تسلسلي – مثل خلق العالم، وحياة يسوع، ونهاية الزمان – كلها حاضرة لديه بالتساوي. **منظور الله لا يقتصر على تدفق الزمن**، لأنه موجود خارجه. فهو لا يخضع لقيود الوجود الزمني، وبالتالي فهو حقًا **خالد**.
تتوافق هذه النظرة الثابتة للوقت بشكل جيد مع **نظرية النسبية لأينشتاين**، التي تشير إلى أن **الزمن هو ببساطة بُعد آخر للكون**. وبحسب هذه النظرية **الزمن لا يتحرك**؛ بل هو جزء من نسيج الكون، مثل الفضاء إلى حد كبير. يرى بعض الفلاسفة والفيزيائيين أن هذه النظرة للزمن هي تمثيل أكثر دقة للواقع، على الرغم من أنها تتعارض مع تجربتنا اليومية للزمن.
التوتر بين النظريتين
في حين أن كلا من النظريات الديناميكية والثابتة للزمن تقدم تفسيرات مثيرة للاهتمام، إلا أنها تؤدي إلى فهم مختلف تمامًا لعلاقة الله بالزمن. في **النظرة الديناميكية**، يتفاعل الله مع العالم في الوقت الفعلي، ويختبر الأحداث فور حدوثها. في المقابل، تشير **النظرة الساكنة** إلى أن الله يرى كل الزمن في لحظة واحدة أبدية، مما يجعله غير متغير وخارج العالم الزمني.
أحد التحديات التي تواجه **النظرية الساكنة** هو أنها تجعل **الله بعيدًا عن خليقته**. إذا كان **الله موجودًا خارج الزمن**، فكيف يرتبط بالكائنات التي تختبر الزمن؟ هل ما زال بإمكان الله أن يستجيب للصلوات ويتدخل في التاريخ؟ يجادل بعض النقاد بأن النظرية الساكنة تجعل الله يبدو سلبيًا، يراقب العالم الزمني ولكنه لا يتفاعل معه بشكل فعال.
ومن ناحية أخرى، تثير **النظرية الديناميكية** مخاوف بشأن **كمال الله وثباته**. إذا كان الله موجودا في الزمن فهل يتغير؟ إذا كانت معرفة الله تتجدد باستمرار مع مرور الوقت، فهل لا يزال من الممكن اعتباره **كلي المعرفة وغير متغير**؟ توضح هذه الأسئلة مدى تعقيد التوفيق بين **الصفات الإلهية** وفهمنا للوقت.
الخلاصة: كيف ينبغي لنا أن نفهم الله والوقت؟
في النهاية، تقدم كل من **النظريتين الديناميكية والثابتة للزمن** رؤى قيمة حول كيفية فهم **علاقة الله بالزمن**. تسمح لنا **النظرية الديناميكية** برؤية الله مشاركًا بشكل وثيق في كشف التاريخ، بينما تؤكد **النظرية الساكنة** على طبيعة الله الأبدية وغير المتغيرة. **لا تخلو أي وجهة نظر من التحديات**، ويظل السؤال عن كيفية ارتباط الله بالزمن أحد **الألغاز الأكثر عمقًا في علم اللاهوت**.
أثناء استكشافي لهذا الموضوع، وجدت شخصًا يشاركني افتتانًا مماثلاً بالتقاطع بين **الله والوقت**. لقد ألهمتني أفكارهم للتفكير بعمق أكبر في هذه الأسئلة، وأدعوك لاستكشاف هذا الأمر بشكل أكبر من خلال مشاهدة هذا الفيديو: وليام لين كريج – هل خلق الله الوقت؟.